نصر بن سيار بن رافع بن حرِّي بن ربيعة الكناني آخر ولاة الأمويين على خراسان، ولاّه هشام بن عبدالملك. توفي سنة 131 هـ (748 م).
كان شيخ مضر بإقليم خراسان. عُرف بالدهاء والشجاعة. ولي بلخ، ثم خراسان سنة 120هـ، 737م بعد وفاة واليها أسد بن الفرات القسري. ولاه هشام بن عبد الملك. غزا بلاد ما وراء النهر، ففتح حصونًا كثيرة. وأقام بمرو. واستفحل أمر الدعوة العباسية في عهده بخراسان، فكتب عدة رسائل إلى السلطات الأموية بالشام يحذرهم وينذرهم من خطورة الوضع في أقاليمه، فلم يعيروه التفاتًا، فصبر على تدبير الأمور، ولكن قصرت إمكاناته عن الوقوف في وجه الدعوة العباسية. وأخيرًا غلبه أبو مسلم الخراساني على خراسان، واضطره إلى الخروج من مرو سنة 130هـ، 737م، وتوجه إلى نيسابور، فأرسل أبو مسلم في أثره قحطبة بن شبيب، فانتقل ابن سيار إلى قومس، وكتب إلى ابن هبيرة ـ وهو بواسط ـ يطلب منه المدد، وكتب إلى الخليفة الأموي مروان بن محمد بالشام. وأخذ يتنقل من بلد إلى بلد ينتظر النجدة إلى أن مرض في مفازة بين الري وهمزان، ومات بساوة.
نسبه :
ينتمي نصر بن سيار إلى بني جندع بن ليث من قبيلة كنانة، ونسبه هو: نصر بن سيار بن رافع بن حري بن ربيعة بن عامر بن عوف بن جندع بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، الجندعي الليثي الكناني.
سيرته :
كان نصر بن سيار آخر ولاة الأمويين على خراسان في أواخر العقد الثاني وأوائل العقد الأول من القرن الثاني للهجرة، وكان والياً محنكاً حازماً. فاستشعر بوادر الانفجار ونذر الخطر وكتب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة والي العراق في تلك الأيام، يعلمه في أبيات من نظمه ما شاع بخراسان من الاضطراب في العامين الماضيين، ويحذره من خطورة الوضع، ويصارحه أنه إذا استمر في التدهور ولم يعالج معالجة حازمة، فأنه سيؤدي لا محالة إلى عاقبة وخيمة وكارثة عظيمة وقال:
أبلغ يزيداً وخير القول أصدقه | وقد تيقنت ألا خير في الكذب | |
بأن أرض خراسانٍ رأيت بها | بيضا إذاأفرخت حدثت بالعجب | |
فراخ عامين إلا أنها كبرت | لمّا يطرن وقد سربلن بالزغب | |
فإن يطرن ولم يُحتل لهن بها | يلهبن نيران حرب أيّما لهب. |
فلم يمده بأحد لأنه كان مشغولا بمجالدة الخوارج في العراق فاستغاث بآخر خلفاء بني أمية في دمشق مروان بن محمد. وأعلمه حال أبي مسلم، وخروجه، وكثرة من معه، ومن تبعه. وأخبره بغوائل الفتنة القائمة ودواهي الكارثة القادمة، إن لم ينجده بمدد من عنده. فكتب ينذره ويحذره شعراً:
أرى تحت الرماد وميض جمر | ويوشك أن يكون له ضرام | |
فإن النار بالعودين تُذكى | وإن الحرب مبدؤها كلام | |
فإن لم يطفها عقلاء قوم | يكون وقودها جثث وهام | |
فقلت من التعجب ليت شعري | أأيقاظ أمية أم نيام | |
فإن يقظت فذاك بقاءُ مُلكٍ | وإن رقدت فاني لا أُلام | |
فإن يك أصبحوا وثووا نياماً | فقل قوموا فقد حان القيام | |
ففرّي عن رحالك ثم قولي | على الإسلام والعرب السلام |
ولكن الاقتتال بين القيسية واليمانية حصل في نفس الفترة وانشغل الخليفة في انهاء الاقتتال عن نصرة واليه نصر بن سيار. وعندما قطع الأمل وفقد الرجاء فأخذ يبث همومه وشجونه إلى العرب في المدينة، محاولاً أن يستثمر نخوتهم الدينية وعزتهم القومية وناشدهم أن يكفوا عن الاقتتال فيما بينهم وأن يجتمعوا على كلمة سواء، توحد سواعدهم وقلوبهم للوقوف بوجه أبي مسلم وخطره الذي أصبح يهدد وجودهم ومصيرهم فكتب يقول شعراً:
أبلغ ربيعة في مرو وإخوتها | أن يغضبوا قبل أن لا ينفع الغضبُ | |
و لينصبوا الحرب إن القوم قد نصبو | حربا يحرق في حافاتها الحَرَبُ | |
ما بالكم تلقمون الحرب بينكم | كأن أهل الحجا عن فعلكم غُيُبُ | |
وتتركون عدواً قد أظلكم | فيمن تأشبَ لا دين ولا حسبُ | |
ليسوا إلى عرب منا فنعرفهم | ولا صميم الموالي إن هُمُ نُسبوا | |
قوم يدينون ديناً ما سمعت به | عن الرسول ولا جاءت به الكتبُ | |
مَمَنْ يكن سائلي عن أصل دينهم | فإن دينهم أن تُقتلَ العربُ |
وكانت قصيدته أول إشارة نذير للأمويين من خطر قيام الدولة العباسية وسقوط الدولة الأموية.
وفاته :
مرض في الري ثم رحل إلى ساوة فمات فيها يوم 12 من شهر ربيع الأول سنة 131 هـ وعمره 85 سنة وموته كان دلالة على انتهاء الدولة الأموية .